التدخين السّلبي أو التدخين اللاإرادي - مقاومة التدخين
التدخين السّلبي أو التدخين اللاإرادي
يتكوّن دخان التّبغ المنبعث في الهواء من جزئين اثنين، أوّلهما الدّخان الّذي ينبعث من احتراق التّبغ بين سحبات التّدخين والسّيجارة في يد المدخّن وثانيهما الجزء الّذي ينفثه المدخّن من الدّخان الّذي يستنشقه.
وقد تأكّد احتواء دخان التّبغ المنبعث في الهواء على كمّيات من النّيكوتين وأكسيد الفحم والقطران وبقيّة المواد المسرطنة أكبر من تلك الّتي يستنشقها المدخّن. ورغم تحلّل هذا الدّخان في المحيط بيّنت بعض البحوث أنّ 50% تقريبا من غير المدخّنين في المدن يحملون أكسيد الكربون والنّيكوتين في دمهم. كما تجب الإشارة إلى ما يلحقه هذا الدّخان من ضرر غير مباشر على الصحّة من خلال تأثيره على البيئة والمحيط.
وقد أصبح متأكّدا اليوم أنّ أضرارا صحيّة مباشرة ومتعدّدة تلحق الأشخاص غير المدخّنين المتعرّضين إلى دخان مستهلكي التّبغ. وتختلف هذه الأضرار حسب كثافة الدّخان المنبعث، وتهوئة المكان واتساعه، والمسافة بين المدخّن وغير المدخّن، ومدّة التّعرّض.
وقد تركّز الاهتمام على دراسة تأثير دخان السّجائر في الأماكن العموميّة والمتميّزة بقلّة تهوئتها مثل المقاهي ووسائل النّقل وكذلك الإدارات وأماكن العمل المغلقة والمساكن، وهي أماكن يقضي بها أغلب النّاس نسبة كبيرة من أوقاتهم، وتبيّن أنّ دخان التّبغ يمثّل العامل الأوّل في تلوّث الهواء بها خصوصا عندما تطول مدّة التّدخين فيها إذ لا يمكن التخلّص منه بمجرّد التهوئة (الطّبيعيّة أو الآلية) ونتيجة لذلك تمرّ أجسام الدّخان وغازاته بسهولة إلى الرّئتين مع الهواء.
ونظرا إلى حساسيّة أنسجة العين والحنجرة والقصبات الهوائيّة لمكوّنات دخان السّجائر فإنّ أغلب المتعرّضين (من غير المدخّنين) إلى دخان السّجائر لمدّة قصيرة يشعرون بالانزعاج النّاتج عن دخان الآخرين، وهو انزعاج يصعب تحمّله بما ينتجه من صداع وإحساس بالتقيّؤ وسعال وتسارع في نبضات القلب كما أنّ دخان المدخّنين يضعف القدرات البصريّة للسّائق غير المدخّن ممّا يعرّضه إلى الحوادث.
وقد ثبت أنّ غير المدخّن إذا تعرّض إلى دخان كثيف للسّجائر في محيط مغلق طيلة ساعتين فهو كمن دخّن سيجارتين أو ثلاث، إذ تضعف قدراته على بذل المجهود وينتابه الإعياء بسرعة، من جرّاء النّقص المحسوس في وظائف الرّئتين والقلب والدّورة الدمويّة.
وتتكثّف مضار التّدخين لدى غير المدخّنين عندما يتعرّضون لدخان المدخّنين طيلة فترات هامّة من حياتهم مثل أولئك الّذين يتقاسمون نفس المنزل أو نفس مكان العمل مع مدخّن أو أكثر، أو يرتادون المقاهي، ويمكن أن يصل ضعف وظائفهم التنفسيّة إلى أن يتساوى مع من يدخّنون معدّل 11 سيجارة في اليوم. وقد أصبحت شركات التّأمين في بعض الدّول وكذلك المحاكم تعترف بالأمراض المزمنة للجهاز التنفّسي لدى غير المدخّنين باعتبارها نتيجة لتدخين لا إرادي مزمن، وتصرف تعويضات للمصابين بها.
كما أنّ التّدخين السّلبي المزمن يعرّض إلى الإصابات بأمراض القلب والشّرايين (مثل الذّبحة الصّدريّة).
وقد بيّنت دراسات حديثة أنّ الزّوجات غير المدخّنات أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرّئة عندما يكون أزوجاهن من المدخّنين، وأنّ خطر الإصابة بسرطان الرّئة بصبح كبيرا عندما يكون القرين من كبار المدخّنين (أكثر من 20 سيجارة يوميّا). وعموما تشير أحدث التّقديرات إلى أنّ التّدخين السّلبي يسبّب ما بين 20 و 30% من حالات سرطان الرّئة لدى غير المدخّنين.
وقد تأكّد أنّ التّدخين اللاّإرادي يضاعف من تواتر وخطورة إصابة الأطفال بالأمراض الحادّة للجهاز التنفّسي والأذنين، ويعيق اكتمال نمو الرّئتين لديهم ويقلّص بصفة محسوسة من قدرتهما على القيام بوظائفهما، ويعرّض إلى خطر نشوء الأمراض المزمنة للجهاز التنفّسي (بما في ذلك الرّبو (asthme) والإصابة بالالتهابات والتعفّنات المزمنة للأذنين وما ينجرّ عنها من مضاعفات أهمّها قصور السّمع.
أمّا المرأة الحامل المدخنة (أو تلك الّتي تتعرّض بصفة كثيفة أو مستمرّة لدخان المدخنين حولها)، فإنّها تعرّض حملها إلى مخاطر عديدة تتراوح بين الإجهاض والولادة قبل أوانها ووفاة المولود وخاصّة نقص وزنه. وهذه المخاطر ناتجة بالأساس عن نقص الأكسيجين والموارد الغذائيّة الّتي تصل إلى الجنين عن طريق دم أمّه أثناء الحمل.
كما لوحظ أنّ بعض مواد الدخان المسرطنة تلتصق بمشيمة الجنين ممّا جعل السّؤال يطرح بين الأطبّاء حول تسبّب تدخين الأم الحامل في نشأة بعض أنواع السّرطان لدى طفلها.
وتمرّ العديد من مواد دخان التبغ (وخاصّة النّيكوتين) إلى الرّضيع عبر حليب الأم، ولذلك تمنع المرأة المرضعة من التّدخين.
ليست هناك تعليقات:
حتى تصبح عضوا في الموسوعة المدرسية انزل إلى أسفل الصفحة