التعريف بالعدوى - الأمراض المعدية
التعريف بالعدوى
الأمراض المعدية هو تعبير يشمل أمراضا عديدة، لا نهاية لعددها... ومنها أمراض شاعت، قديما، ثمّ إندثرت أو كادت، وإن بقيت منها حالات قليلة أو كثيرة، في مناطق محدّدة. ومنها أمراض عُرفت حديثا، وإنتشرت أو يُخشى إنتشارها، وهي أمراض لا يعرف عنها النّاس شيئا كثيرا.
ماهي العدوى؟
العدوى Infection هي غزو الجسم بالأحياء الدّقيقة المضرّة، أي الأحياء المجهريّة غير المرئيّة بالعين المجرّدة، وتشمل الأحياء الدّقيقة البكتريا (الكرويّة والعضويّة والحلزونيّة) والطّفيليّات والفيروسات والفطريّات، ويزدحم الهواء والماء والتّربة من حولنا بهذه الكائنات الدّقيقة، وأغلبها حميد، وبعضها مفيد وضروري لوجود معالم الحياة على الأرض، والقليل مضرّ بسبب المرض.
وسطاء العدوى:
البكتريا مسؤولة عن أنواع كبيرة من العدوى، وهي كائنات مجهريّة في المملكة النّباتيّة، تعيش على المواد العضويّة الّتي منها أنسجة الجسم البشري، بل إنّ دفء الجسم البشري ورطوبته يهيّئان وسطا مثاليّا لنموّ هذه البكتريا. وليست جميع البتكتريا الّتي تدخل الجسم ضارّة على وجه الإطلاق، فبعض أنواعها الموجودة بالأمعاء ضروري لصحّة الجسم. والبكتريا المرضيّة تخرج مواد كيمياويّة تسمّى توكسينات، وهي مواد سامّة تنتشر بالجسم فتسبّب إختلالا في بعض وظائفه العاديّة. وهذه هي الأعراض المرضيّة ومثال ذلك بكتريا الدّفتريا الّتي قد توجد في الحلق الملتهب، فإنّها تخرج توكسينا يمكن أن يتلف عضلة القلب. ويعتقد العلماء أنّ الفيروسات مواد كيمياويّة وسط بين المادة الحيّة وغير الحيّة، وهي قادرة على غزو خلايا معيّنة فتتكثّر في داخلها، وتسبّب الفيروسات أمراضا كثرة شديدة العدوى، وحميات تشمل أغلب أمراض الطّفولة، كالحصبة والنّكاف وشلل الأطفال والجدري والجديري والإنفلونزا ونزلة البرد.
والطّفيليّات المجهريّة الّتي تصيب الإنسان من العائلة "وحيدة الخليّة"، وأشهر أمثلتها الأميبا وبلازموديوم الملاريا، ويسبّبان مرض الدّوسنطاريا الأميبيّة والملاريا. والأمراض الطّفيليّة كثيرة. والفطريّات آخر أسباب العدوى الأربعة، وهي نباتات دنيئة تسبّب أمراضا جلديّة كالقراع وقدم الإصليت (قدم الرّياضي).
طرق العدوى:
الكائنات المجهريّة المرضيّة في كل مكان، ومن المحال إجتنابها في حياتنا اليوميّة، ولكن لا بدّ لها من إقتحام الجسم، أوّلا، قبل إحداث المرض. فالجلد السّليم والأغشية المخاطيّة سياج متين يمنع دخولها، ولكن يغلب أن تحدث العدوى حينما تصاب الأغشية الّتي تبطّن الفم والأنف أو الأذنين أو العينين أو الشّرج أو الأعضاء التّناسليّة أو الجلد، يخدش أو قطع أو نوع من الجروح. وأغلب الأمراض المعدية الّتي تصيب الأطفال تتسبّب من دخول الجراثيم بطريق الجهاز التنفّسي. فجراثيم الحصبة والدّفتريا والسّعال الدّيكي تنتشر في الهواء على قطيرات الرّذاذ الّذي يخرجه المريض عند السّعال أو العطس. والإمساك بملابس المريض أو أغطية فرشه ثمّ الإهمال في غسل اليدين بعد ذلك، قد يؤدّي إلى إنتقال المريض، وكذلك إهمال غسل اليدين بعد قضاء الحاجة. وتنتقل بهذه الوسيلة أمراض الأمعاء كالتّسمّم الغذائي والدّوسنطاريا وحمّى التّيفود. والذّباب والحشرات المثيلة الّتي تتغذّى على الفضلات ثمّ تقع على الطّعام، وسيلة لنشر العدوى من الأمعاء.
وتنتقل أمراض أخرى بالملامسة بين المريض والسّليم، فالزّهري والسّيلان ينتقلان من طريق الإتّصال الجنسي وحده، لأنّ جراثيمهما لا تعيش إلاّ مدّة قصيرة في الهواء الطّلق بعيدة عن الجسم. وتنقل الحشرات الّتي تمتص الدّم، كالبعوض والقمل، بعض الأمراض من شخص إلى آخر، فيحمل البعوض الملاريا والحمّى الصّفراء وبعض أنواع إلتهاب المخ، ويحمل القمل التّيفوس، وتنقل البراغيث الطّاعون الدّملي من الفئران. وتنقل بعض الحيوانات أمراضا إلى الإنسان فتنقل الأغنام الجمرة الخبيثة، وتنقل الكلاب مرض الكلب. ولا بدّ من توافر ظروف معيّنة بعد دخول الجراثيم في الجسم ليحدث المرض. فلا بدّ للجراثيم من أن يكون عددها كافيا، وأن تكون شدّتها كبيرة وقادرة على إتلاف الأنسجة السّليمة، كما يجب أن يكون الجسم المغزو قابلا للعدوى، فإذا كان محصّنا من المرض أو حديث التّطعيم لم يتأثٍّر بالجراثيم. ولدى بعض النّاس حصانة طبيعيّة ضد العدوى. وأخيرا لا بدّ من أن يدخل المرض الجسم بالطّريق الصّحيح، فلا بدّ من أن تدخل ميكروبات الملاريا مجرى الدّم، وميكروبات الدّوسنطاريا الأمعاء، وميكروبات السّيلان الأعضاء التّناسليّة.
كيف يحارب الجسم العدوى؟
تأخذ الجراثيم في التكثّر بعد دخولها الجسم، وأوّل رد فعل لذلك هجرة عدد كبير من كريّات الدّم البيض إلى موضع العدوى، في محاولة لإبتلاع الجراثيم والقضاء عليها، كما ينشّط نخاع العظم لإنتاج عدد كبير من هذه الكريّات للإشتراك في حرب الجراثيم. وتتوسّع شعيرات الدّم والشّريينات في مكان العدوى ليعزّز فيه مدد الدّم، وتبدأ الأجسام المضادّة، وهي كيميائيّة قادرة على قتل البكتريا والقضاء على توكسيناتها، العمل في هذا السّبيل، كما تتجمّع سوائل الجسم لتساعد موادّها الكميائيّة على قتل الجراثيم. وتكون هذه الظّواهر مجتمعة ما يسمّى في علم باثولوجيا "بالإلتهاب".
فإذا نجحت هذه الوسائل قضي على العدوى وإلاّ إحتاج المريض إلى مساعدة طبيّة. وقد تنتهي الأعراض وتبقى الجراثيم، فيصبح الشّخص حاملا للجراثيم، ينقل العدوى من غير أن يصيبه المرض.
الحصانة من الأمراض المعدية:
يصاب الإنسان عادة بأمراض الطّفولة وعدوى المسالك التنفّسيّة العليا، كالإنفلونزا ونزلات البرد، ولكنّه لا يصاب بالأمراض المعدية الأخرى، لأنّ الجسم يبني حصانته من هذه الأمراض تدريجيّا، منذ وقت الطّفولة. وهناك نوعان من الحصانة: طبيعيّة ومصنوعة، وتتكوّن الحصانة الطّبيعيّة بعد الإصابة بالمرض، فالحصبة والنّكاف والجديري يندر تكرار الإصابة بها، ولكن هذه الحصانة الطّبيعيّة ليست أمرا مؤكّدا لجميع الأمراض، وهي إنّما تحدث بتكوّن أجسام مضادّة للمرض. وتسبّب الإصابات الطّفيفة المتكرّرة حصانة تمنع إصابة خطرة بالمرض. ومن الأمراض المعدية الّتي لا تسبّب حصانة طبيعيّة نزلات البرد والسيلان والملاريا. والحصانة المصنوعة نوعان: إيجابيّة وسلبيّة، وتكتسبان بالتّطعيم والحقن. وتكتسب الحصانة الإيجابيّة بحقن جراثيم ميّتة أو موهنة، كالتّطعيم ضد الجدري، وفي تتكوّن الأجسام المضادّة بحقن نوع خفيف من جراثيم شبيهة بجراثيم الجدري، فتحفظ الجسم من الإصابة بالمرض، وتدوم الحصانة الإيجابيّة شهورا أو سنوات عدّة. أمّا الحصنة السلبيّة فتكتسب بحقن مصل إنسان أو حيوان سبقت إصابته بالمرض وتكوّنت به أجسام مضادّة له، وهي حصانة وقتيّة تستعمل فقط وقت إنفجار الأوبئة أو وقت التعرّض لمرض وبيل.
عودة إلى صفحة : الأمراض المعدية
ليست هناك تعليقات:
حتى تصبح عضوا في الموسوعة المدرسية انزل إلى أسفل الصفحة