جابر بن حيان، العالم الشاب
جابر بن حيان
العالم الشاب
وهكذا كان "جابر" يقضي يومه نهارا في حانوت العطارة يبيع ويشتري، وعندما يأتي المساء يدخل إلى بيته ليعكف على كتبه وأوراقه ليقرأ ويدوّن ما شاء من علوم الكيمياء والطبيعيات والرياضيات.
وحدث ذات يوم أن دخلت عليه والدته ليلا فوجدته منكبّا على الكتب العلمية يطالعها بنهم عظيم، فنبّهته إلى أنه لا يعتني بصحته، وأنه يرهق نفسه في العمل نهارا وفي طلب العلم ليلا، وأنّه نسى نفسه وأن عليه أن يتزوج وأن ينشئ لنفسه أسرة.
وكان "جابر" إلى هذا الوقت لا يفكر في أي شيء آخر سوى طلب العلم، لكنه اضطر أمام إصرار والدته إلى أن ينزل على رغبتها وأن يتزوج ليجد من يعنى به وبأمور بيته، وبالفعل تزوّج "جابر بن حيان" من أهل الكوفة.
وبعد أن اطمأن على حياته وعمله، قرّر أن يتفرّغ للعلم وأن ينشئ لنفسه معملا خاصا بالكيمياء، وبالفعل اتخذ "جابر" لنفسه غرفة خاصة في بيته الكبير الواسع وخصّصها للمعمل، ثم بدأ في إعداد وتجهيز هذه الغرفة بكافة أدوات وأجهزة الكيمياء، وقد خصّص "جابر" ركنا في تلك الغرفة أنشأ به فرنا أعدّه خصيصا لصهر المعادن، كما أقام في وسط الغرفة عددا من المصاطب وضع عليها كافة الأدوات والأجهزة الكيميائية الّتي كانت معروفة في عصره والّتي سوف يستخدمها في التجارب الكيميائية.
وهكذا بدأ "جابر بن حيان" حياته العلمية في معمله الخاص، كان "جابر يعمل بالنهار، ويتفرغ في المساء للدراسة والتجارب، وكان همّه الأول هو التحقٌّق عمليا من كافة المعارف الكيميائية الّتي حصّلها أثناء طلب العلم، وقد دفعته رغبته العارمة إلى "التجريب" – فيما بعد – إلى اكتشاف العديد من الأحماض الّتي لم تكن معروفة من قبل. ويستخدمونه في التجارب الكيميائية الخاصة بتحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة، مثل تحويل النحاس إلى ذهب والرصاص إلى فضة.
ومن ابتكارات "جابر بن حيان" تلك الآلة الّتي صنعها وتمكّن بها مع من معرفة الوزن النوعي للمواد والأشياء السائلة والصلبة على السواء. وكان "جابر" أول من تحدث عن السّموم والطرق الّتي تؤدي إلى دفع مضارها، وبذلك يعتبر "جابر بن حيان" هو أول من وضع أساس "علم السّموم".
وكما اكتشف "جابر" الماء الملكي، فكذلك اكتشف "ماء الفضة" وعنصر البوتاس، وملح النشادر، وأكسيد الزرنيخ، وكربونات الرصاص، وعنصر الأنتيمون، والصوديوم، والسليماني، ويوديد الزئبق، وغير ذلك من الاكتشافات.
ليست هناك تعليقات:
حتى تصبح عضوا في الموسوعة المدرسية انزل إلى أسفل الصفحة