رينه كايي في طمبكتو - رحالة جريئون - الرحلات الكبرى
"طمبكتو" مدينة إفريقيّة تقع عند رأس منعطف نهر النيجر، في الطرف الجنوبي من الصحراء الكبرى. ظلّت المدينة مدّة طويلة محرّمة على الأوربيين، فلقّبوها "بطمبكتو" الخفيّة. وكان الرحّالة الفرنسي "رينيه كايي" أول أوربي دخلها (1882) وزارها وعاد منها.
كان "رينيه كايي" رائدا شجاعا ورحالة عنيدا. ولد في أسرة فقيرة معوزة أدمن معيلها شرب الخمرة. فما لبث أن فرّ من تلك الحياة المرهقة الصعبة، وأبحر طالبا "السنغال" حيث عمل في خدمة أسرة ميسورة تقطن مدينة "سانت - لويس". هناك ظهر شغفه بأفريقيا، فأراد التعرّف إلى سكانها الأصيلين ودراسة طرق معيشتهم.
كان الفتى يعلم أنّ قوافل التجّار تجوب القارّة، وتحترق الصحراء محمّلة بالملح، سائرة في دروب لا يعرف سرّها غيرهم. لذا حاول أكثر من مرة الانضمام إلى أولئك البدو الرحل. ولقد وفّرت له إقامته المتكرّرة عند المغاربة تعلّم اللغة العربيّة، ممّا يسّر له فرصة أكبر للتفاهم مع رجال القافلة.
كانت مدينة "طمبكتو" تثير فضوله وتجتذبه. ففي سنة 1827 غادر مرفأ "سانت -لويس" في السنغال، لمرافقة جماعة من التجّار، كانوا يقصدون تلك المدينة الغامضة المثيرة. إلاّ أنّه لم يحسب حساب قسوة المناخ وقلّة الطعام والغذاء، فاضطرّ إلى التوقّف سنة كاملة على ضفة "النيجر"، مصابا بداء الحفر عاجزا عن الحراك. ولم يستطع دخول "طمبكتو" إلاّ في 20 نيسان 1828، في هيئة شيخ عربي تاعس، استبد به الهزال، وتساقطت أسنانه، وتجعّد وجهه، وأحرقت جلده الشمس.
ولما عاد إلى فرنسا، كتب أخبار رحلته، ووصف غرائب تلك المدينة النائية.
ليست هناك تعليقات:
حتى تصبح عضوا في الموسوعة المدرسية انزل إلى أسفل الصفحة