الحياة الثقافية والفكرية - عصر سليمان القانوني
الحياة الثقافيّة والفكريّة - عصر سليمان القانوني
1- الدين :
كان الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة على المذهب الحنفي الذي انتشر خاصّة في البلاد الإسلاميّة الخاضعة للحكم العثماني لدى أصحاب الطموح السياسي. ومع ذلك فقد بقي المذهب المالكي محتفظا بمكانته وتأثيره وكذلك المذهب الشيعي خاصّة في العراق وفارس وخضعت الهيئات القضائيّة والدينيّة إلى مفتي الأستانة بوصفه شيخ الإسلام الذي له المكانة الدينيّة الثانية بعد السلطان، فوظيفته الإفتاء وتعيين الموظفين في العاصمة بينما أنيطت هذه المهمّة في الولايات إلى قاضي العسكر.
واهتمّ العثمانيون بالدين فكان حرصهم على نشر الدين لا يقلّ عن حرصهم على توسيع إمبراطوريتهم فعيّنوا الأئمة والوعاظ والموقتين والمؤذنين... وكان هؤلاء جميعا يتلقّون العلوم في المدارس الدينيّة التي تنافس السلاطين والوزراء في إنشائها بالأستانة وبالولايات، ومع ذلك فقد خضعت حياة الجماهير لمشائخ الطرق الصوفيّة (الدراويش) الكنقشبندية والبكتاسية أكثر من خضوعها لرجال الدين الرسميين خاصّة في الأستانة.
2- الآداب والعلوم :
كانت الحركة الفكريّة بعيدة كلّ البعد عن الأصالة والإبداع فقد ابتدعت على ما أنتجته الأجيال السابقة من عرب وفرس، فكانت كتب القانون والتشريع والتاريخ تكتب بالعربيّة أو الفارسيّة، وعندما أخذ العثمانيون في تدوين تاريخهم باللّغة التركيّة جاءت مؤلّفاتهم مطعمة باللّغة العربيّة والفارسيّة.
كانت كتابة التاريخ في بداية الأمر تتّسم بالخلط والخيال وفي عهد سليمان ازداد الاهتمام بالتاريخ فكان سعد الدين أوّل مؤرّخ قام بتدوين التاريخ بطريقة بعيدة عن الخرافات، وبجانب ذلك اهتمّ العثمانيون بالشعر حتّى أنّ بعض السلاطين كانوا شعراء كسليم الأول الذي وضع ديوانا شعريّا باللّغة الفارسيّة. كما اهتمّوا بالقصص الشعبيّة عن حياة الرسول ومشهد الحسين وحياة الأولياء من الصوفيّة... التي صيغت في قوالب شعريّة كالمحمديّة التي نظمها (يازيجي)، على أنّ الطريقة المثقّفة كانت أميل إلى تقليد الشعر الفارسي فانكبت على دراسته بعمق وقامت بعمل عظيم خاصّة في ميدان الشرح اللّغوي فوضع (سروري) في عهد سليمان تفسيرا رائعا لآثار الشاعر (سعدي) و(سودي البشناقي).
ولم يتأثّر العثمانيون بالحركة العلميّة الأوروبيّة إلاّ في ميدان الجغرافيا بحكم توسّعهم وحروبهم البحريّة فكتب (بيري رايس) أمير البحر كتابا في الجغرافيا (بحريت) وصف فيه شواطئ البحر الأبيض المتوسّط كما وضع خريطة تمثّل المحيط الأطلسي وأمريكا وشواطئ أوروبا وإفريقيا واكتشافات البرتغال في العالم الجديد.
3- الفنّ المعماري :
عرف الفنّ المعماري في عهد سليمان ازدهارا ورقيّا لا مثيل له محاذيا في ذلك عظمة وقوّة واتّساع الإمبراطوريّة فأصبحت الأستانة عاصمة الدولة مركز إشعاع وتأثير وجذب للفنانين والحرفيين وأصحاب الطموح المالي والسياسي. فقام سنان رئيس المهندسين (سر معمار) أعظم مهندس معماري في عصره، كان قد شارك في حصار فينا بوصفه رئيسا لفرقة الهندسة العسكريّة، بإنشاء أعظم مسجد في الأستانة (مسجد سليمان) قدر له أن يطغى على جميع الآثار المعماريّة البيزنطيّة منها والعثمانيّة.
لقد كانت المساجد العثمانيّة في بداية تأسيسها ببروسة ونقيّة تمتاز بطابع بدائي تقليدي، فقام المهندس سنان بتطوير عميق في طراز البناء العثماني متأثّرا بكنيسة آية صوفيا دون تقليد أعمى.
واستغرق بناء مسجد سليمان سبع سنوات من سنة 1550 إلى سنة 1557 فكان أعظم إنجاز معماري إذ احتوى على صحن خارجي فيه باب سلطاني أقيم على الطراز الفارسي وأربع مآذن في زواياه. أمّا البناء الرئيسي فقاعة صلاة شيّدت فوقها قبّة فخمة أعلى من قبّة آية صوفيا وأمامها وخلفها نصفا قبّة وحولها عدّة قباب صغيرة. وقد قام أشهر الرسامين على الزجاج (سرخوش ابراهيم) بزخرفة نوافذ الجدران فأخرجها في ألوان زاهية شديدة الوهج فجاء مسجد سليمان تحفة فنيّة رائعة قدر له أن يطغى على آية صوفيا نفسها أعظم كنيسة بزنطيّة، وبجانب ذلك قام سنان بأمر من السلطان سليمان بإنشاء أكثر من مائة مسجد وخمسين مدرسة، زيادة على المعاهد والمطاعم العموميّة والمستشفيات والجسور والقصور والمتاحف والحمامات، وكانت مدينة نقيّة تمدّ في القرن السادس عشر حظائر البناء بكلّ ما تحتاج إليه من زليج مزخرف بألوان زاهية بديعة.
كان الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة على المذهب الحنفي الذي انتشر خاصّة في البلاد الإسلاميّة الخاضعة للحكم العثماني لدى أصحاب الطموح السياسي. ومع ذلك فقد بقي المذهب المالكي محتفظا بمكانته وتأثيره وكذلك المذهب الشيعي خاصّة في العراق وفارس وخضعت الهيئات القضائيّة والدينيّة إلى مفتي الأستانة بوصفه شيخ الإسلام الذي له المكانة الدينيّة الثانية بعد السلطان، فوظيفته الإفتاء وتعيين الموظفين في العاصمة بينما أنيطت هذه المهمّة في الولايات إلى قاضي العسكر.
واهتمّ العثمانيون بالدين فكان حرصهم على نشر الدين لا يقلّ عن حرصهم على توسيع إمبراطوريتهم فعيّنوا الأئمة والوعاظ والموقتين والمؤذنين... وكان هؤلاء جميعا يتلقّون العلوم في المدارس الدينيّة التي تنافس السلاطين والوزراء في إنشائها بالأستانة وبالولايات، ومع ذلك فقد خضعت حياة الجماهير لمشائخ الطرق الصوفيّة (الدراويش) الكنقشبندية والبكتاسية أكثر من خضوعها لرجال الدين الرسميين خاصّة في الأستانة.
2- الآداب والعلوم :
كانت الحركة الفكريّة بعيدة كلّ البعد عن الأصالة والإبداع فقد ابتدعت على ما أنتجته الأجيال السابقة من عرب وفرس، فكانت كتب القانون والتشريع والتاريخ تكتب بالعربيّة أو الفارسيّة، وعندما أخذ العثمانيون في تدوين تاريخهم باللّغة التركيّة جاءت مؤلّفاتهم مطعمة باللّغة العربيّة والفارسيّة.
كانت كتابة التاريخ في بداية الأمر تتّسم بالخلط والخيال وفي عهد سليمان ازداد الاهتمام بالتاريخ فكان سعد الدين أوّل مؤرّخ قام بتدوين التاريخ بطريقة بعيدة عن الخرافات، وبجانب ذلك اهتمّ العثمانيون بالشعر حتّى أنّ بعض السلاطين كانوا شعراء كسليم الأول الذي وضع ديوانا شعريّا باللّغة الفارسيّة. كما اهتمّوا بالقصص الشعبيّة عن حياة الرسول ومشهد الحسين وحياة الأولياء من الصوفيّة... التي صيغت في قوالب شعريّة كالمحمديّة التي نظمها (يازيجي)، على أنّ الطريقة المثقّفة كانت أميل إلى تقليد الشعر الفارسي فانكبت على دراسته بعمق وقامت بعمل عظيم خاصّة في ميدان الشرح اللّغوي فوضع (سروري) في عهد سليمان تفسيرا رائعا لآثار الشاعر (سعدي) و(سودي البشناقي).
ولم يتأثّر العثمانيون بالحركة العلميّة الأوروبيّة إلاّ في ميدان الجغرافيا بحكم توسّعهم وحروبهم البحريّة فكتب (بيري رايس) أمير البحر كتابا في الجغرافيا (بحريت) وصف فيه شواطئ البحر الأبيض المتوسّط كما وضع خريطة تمثّل المحيط الأطلسي وأمريكا وشواطئ أوروبا وإفريقيا واكتشافات البرتغال في العالم الجديد.
3- الفنّ المعماري :
عرف الفنّ المعماري في عهد سليمان ازدهارا ورقيّا لا مثيل له محاذيا في ذلك عظمة وقوّة واتّساع الإمبراطوريّة فأصبحت الأستانة عاصمة الدولة مركز إشعاع وتأثير وجذب للفنانين والحرفيين وأصحاب الطموح المالي والسياسي. فقام سنان رئيس المهندسين (سر معمار) أعظم مهندس معماري في عصره، كان قد شارك في حصار فينا بوصفه رئيسا لفرقة الهندسة العسكريّة، بإنشاء أعظم مسجد في الأستانة (مسجد سليمان) قدر له أن يطغى على جميع الآثار المعماريّة البيزنطيّة منها والعثمانيّة.
لقد كانت المساجد العثمانيّة في بداية تأسيسها ببروسة ونقيّة تمتاز بطابع بدائي تقليدي، فقام المهندس سنان بتطوير عميق في طراز البناء العثماني متأثّرا بكنيسة آية صوفيا دون تقليد أعمى.
واستغرق بناء مسجد سليمان سبع سنوات من سنة 1550 إلى سنة 1557 فكان أعظم إنجاز معماري إذ احتوى على صحن خارجي فيه باب سلطاني أقيم على الطراز الفارسي وأربع مآذن في زواياه. أمّا البناء الرئيسي فقاعة صلاة شيّدت فوقها قبّة فخمة أعلى من قبّة آية صوفيا وأمامها وخلفها نصفا قبّة وحولها عدّة قباب صغيرة. وقد قام أشهر الرسامين على الزجاج (سرخوش ابراهيم) بزخرفة نوافذ الجدران فأخرجها في ألوان زاهية شديدة الوهج فجاء مسجد سليمان تحفة فنيّة رائعة قدر له أن يطغى على آية صوفيا نفسها أعظم كنيسة بزنطيّة، وبجانب ذلك قام سنان بأمر من السلطان سليمان بإنشاء أكثر من مائة مسجد وخمسين مدرسة، زيادة على المعاهد والمطاعم العموميّة والمستشفيات والجسور والقصور والمتاحف والحمامات، وكانت مدينة نقيّة تمدّ في القرن السادس عشر حظائر البناء بكلّ ما تحتاج إليه من زليج مزخرف بألوان زاهية بديعة.
ليست هناك تعليقات:
حتى تصبح عضوا في الموسوعة المدرسية انزل إلى أسفل الصفحة