ابن جزلة
ابن جزلة
مقدِّمة:
سجَّل التَّاريخُ الإسلاميُّ أسماءَ علماءَ وأطبَّاءَ بارزينَ ساهموا في بناءِ النَّهضةِ العِلميَّةِ في الطِّبِّ والصَّيدلة. ومن هؤلاءِ الأعلامِ الطَّبيبُ المسلمُ يحيى بن عيسى بن جزلة، الذي كان معروفًا ببَراعتِه في فنِّ الطِّبِّ وفصاحتِه في المُناظراتِ والاحتجاجاتِ العِلميَّة.
نشأتُه وتكوينُه العِلميُّ:
وُلِدَ ابنُ جزلة في مدينةِ بغداد بالعراق، حيث نشأ وتعلَّم الطِّبَّ ومارَسَهُ حتّى نَبَغَ فيه. وقد عُرِفَ بذَكائه وتمكُّنِه من عدّةِ فُنونٍ، ممّا أهَّلَهُ ليكونَ من أبرزِ أطبَّاءِ عصرِه، إلى جانبِ تَفَوُّقِه في المُناظراتِ والاحتجاجات.
أعمالُه ومؤلَّفاتُه الطِّبيّة:
كانَ لابنِ جزلة عددٌ من المؤلَّفاتِ الطِّبيّةِ التي اشتهرَ بها، ومن أبرزِها:
1. كتاب الإشارةِ في تلخيصِ العبارة:
* هو رسالةٌ في مدحِ الطِّبّ.
* تضمَّن جوانبَ متعدِّدة توضِّحُ توافقَ الطِّبِّ مع الشَّريعة.
* تناولَ موضوعاتٍ عِلميّةً وأخلاقيّة.
2. كتاب تقويمِ الأبدانِ في تدبيرِ الإنسان:
* يُعَدُّ من أشهرِ مؤلَّفاتِه.
* رتّبَ فيه أسماءَ الأمراضِ بطريقةٍ مُنظَّمة.
* كما رتّبَ أسماءَ الكواكبِ ضمن جداولَ فلكيّة.
3. كتاب مناهجِ البيانِ فيما يستعملُه الإنسان:
* جمعَ فيه أسماءَ الحشائشِ والعقاقيرِ الطِّبيّةِ المعروفةِ في زمانِه.
* رتّبَ فيه أسماءَ الأمراضِ في جداولَ دقيقة.
* أشارَ إلى العقاقيرِ المُناسِبةِ لعلاجِ كلِّ مرض.
* قُدِّمَ هذا الكتابُ إلى الخليفةِ المُقتدي باللّه العبّاسي.
* لقيَ هذا المؤلَّفُ اهتمامًا واسعًا، حيث تُرجِمَ إلى اللُّغةِ اللاتينيّة والفرنسيّة في القرنِ السّادسِ عشر.
4. رسالةٌ في فضائلِ الطِّبِّ:
* تناولَ فيها أهميَّةَ مِهنةِ الطِّبِّ وفَضلَها على الناس.
5. كتاب تقويمِ الصِّحّةِ بالأسبابِ السّتّة:
* تحدَّثَ فيه عن العواملِ المُؤثِّرةِ في صِحَّةِ الإنسان.
مكانتُه العِلميّةُ وأخلاقُه الإنسانيّة:
لم يكن ابنُ جزلة طبيبًا متميِّزًا فحسب، بل كان أيضًا مثالًا في الرَّحمةِ والكَرَم، فقد:
- كانَ يُعالِجُ المرضى الفُقراءَ دون أجر.
- يُقدِّمُ الأدويةَ لهم مجّانًا، وهذا يُعكسُ أخلاقًا نبيلةً وشُعورًا بالمسؤوليّةِ تجاهَ مُجتمعِه.
وفاتُه:
تُوفِّيَ العالِمُ الطَّبيب يحيى بن عيسى بن جزلة في مدينةِ بغداد سنة 493 هـ، المُوافقةِ لسنة 1100 م، بعد أن تركَ أثرًا بارزًا في تاريخِ الطِّبِّ العربيِّ والإسلاميِّ.
خاتمة:
لقد كان ابنُ جزلة من الأطبَّاءِ الذين جمعوا بين العِلمِ والأخلاقِ، وساهموا في تطويرِ الطِّبِّ من خلالِ مؤلَّفاتٍ قيِّمةٍ نَظَمَ فيها الأمراضَ والعِلاجاتِ بأسلوبٍ منهجيٍّ عِلميّ. وقد امتدَّ تأثيرُه إلى أوروبا من خلالِ ترجمةِ كُتُبِه، ممّا يدلُّ على عِظَمِ منزلتِه العِلميّةِ في الحضارةِ الإسلاميّةِ والإنسانيّة.
إن وضع تعليقك (أسفل الصفحة) لشكرنا أو لنقدنا يهمنا كثيرا. ونرجو منك أن تساهم في نشر كلّ موضوع ترى أنه أفادك وذلك بالنقر على الزر Partager حتى تعم الفائدة على أصدقائك.
عودة إلى صفحة شخصيات وأعلام
ليست هناك تعليقات:
حتى تصبح عضوا في الموسوعة المدرسية انزل إلى أسفل الصفحة