السرد - مقوّمات السرد - الموسوعة المدرسية - شرح نصوص السنة السابعة أساسي

ما السَّرد؟
السَّردُ لونٌ من ألوان التعبير الأدبيّ، يقوم على حكي أحداث قد تكون حقيقيّة أو متخيَّلة أو أسطوريّة. ويُبنى السَّرد على استعمال أفعال تدلّ على الحدث، تتعاقب وتترابط بوسائل لغويّة متنوّعة، مع الاعتماد على مؤشّرات الزمان والمكان التي تُنظّم مجرى الوقائع.

وتقوم الكتابة السَّرديّة على مجموعة من العناصر الفنيّة، من أبرزها:

1- الترتيب الخطّي للأحداث:
ويعني توافق ترتيب الأحداث في النصّ مع ترتيبها في الواقع، حيث تُروى الوقائع حسب تسلسلها الزمني الطبيعي من البداية إلى النهاية، دون تقديم أو تأخير.

مثاله: "انقضى اللّيل بما فيه... ولم ينهض الطفل ليغادر مضجعه، وإنّما استمرّ نائما... وعند منتصف النهار أو بعده بقليل، استيقظ ونظر إلى قفص الأغصان التي تحوطه من كلّ جانب".

2- الترتيب غير الخطّي:
وهو إخلال بتسلسل الأحداث الواقعي، إذ يعمد السّارد إلى تقديم بعض الوقائع أو العودة إلى أحداث سابقة، مستعملا تقنيّتي الاسترجاع (العودة إلى الماضي) والاستباق (التنبّؤ بما سيقع لاحقًا)، بما يضفي على النصّ حيويّة وتشويقًا.

مثاله: تنهدّت مبروكة طويلا، ثمّ ذهبت تُهيّء كأس الشاي قبل أن تنهمك في تجهيز العشاء وطبخه... لقد توقّع أبوها أن يزورهم ضيف عزيز، فهو صديق قديم للشيخ "مفتاح" اشتغل معه عدّة سنوات في بساتين ومزارع شيخ قرية "غنوش"... وعادت بمبروكة الذكريّات الحلوة إلى قرية "غنوش" (وإذا بها في القرية تغشى مظاهرها وتجوب أرجاءها وتقابل لدّاتها، فتشملها قشعريرة حادّة لذيذة)... حملت مبروكة كأس الشاي وذهبت به إلى والدها... وقبل أن تصل، لمحت مبروكة أختها عائشة تدخل البستان فتنفّست الصّعداء وشعرت بالاطمئنان... سوف لا يُحرجها أبوها هذه المرّة عندما يسألها، هل عادت عائشة؟...

3- البناء الثلاثيّ للنصّ السّردي:
وينقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسيّة:

أ- وضع البداية:
يحرص السّارد في هذا الجزء على تحديد الإطارين الزماني والمكاني، والتعريف بالشخصيّة الرئيسيّة، مع عرض أحداث أوليّة تتّسم بالهدوء والاستقرار.

مثاله: اجتماع العائلة حول مائدة الطعام في نصّ "أنا أيضا مسؤول" يُمثّل حدث التوازن.

ب- سياق التحوّل:
ويتضمّن ثلاث مراحل:
- أحداث تمهيديّة تُمهّد لاضطراب التوازن.

مثاله: إقدام "بدر العنكبوت" على دخول الزّير وإقبال الحارس غاضبا ومتوعّدا، هما الحدثان القادحان للأزمة مباشرة في نصّ "بدر العنكبوت".

- حدوث الأزمة أو المشكل، وقد يكون بسيطًا أو معقّدًا.

مثاله: سرقة حبّة جوز الهند في نصّ "قلق ممض" تُجسّد ذلك، يمُكن أن تكون الأزمة بسيطة (مشكل واحد) أو مركّبة (أكثر من عقدة). مثال نصّ "الاعتراف" اشتمل على أزمتين: تكسير ميزان الحرارة ثمّ اتّهام "باسو" باطلا.

- محاولات تجاوز الأزمة وإعادة التوازن، وذلك عبر حلول تقترحها الشخصيّات أو يفرضها مسار الأحداث.

مثاله: في نصّ "وسام موهوب" خصّصت المعلمة جزءا من السبورة كي يرسم "تولاريشيتو" ما محاه زملاءه، ويُمثل هذا الحدث حلاّ للأزمة.

ج- وضع الختام:
تعود فيه الأحداث إلى الاستقرار، ويُقام توازن جديد، وقد تكون النهاية سعيدة أو حزينة أو ساخرة أو مفتوحة، بحسب رؤية الكاتب.

مثاله: في نصّ "بدر العنكبوت" كانت النهاية حزينة تُثير عطف القارئ.

4- الشخصيّة القصصيّة:
وتُصنّف إلى نوعين:
- شخصيّة رئيسيّة: تحتلّ مركز الأحداث وتلازم السّرد من بدايته إلى نهايته.

مثاله: "المزارع الصغير".

- شخصيّة ثانويّة: تُساند الشخصيّة الرئيسيّة أحيانًا أو تعيقها أحيانًا أخرى، وقد تغيب عن بعض المقاطع السرديّة.

مثاله: "رزقي" في نصّ "قلق ممضّ" هو شخصيّة ثانويّة مُعرقلة للبطل "مراد"، لأنّه أغراه بسرقة حبّة الجوز.

5- الرّاوي:
وهو الصوت الذي يتولّى نقل الأحداث، ويكون:
- راويًا مشاركًا في الوقائع، يروي ما عاشه بنفسه.

مثاله: الطفل في نصّ "أحبّك ولكني أريد أن ألعب" هو نفسه الراوي.

- راويًا خارجيًّا يحكي قصّة شخصيّات أخرى دون أن يكون طرفًا فيها.

مثاله: الراوي في نصّ "قلق ممضّ" يسرد أحداثا عاشها "مراد" وصديقيه.

وقد يُعزّز السّارد نصّه بالوصف، إذ يُحدّد بذلك نوع الشخصيّات (بشريّة – حيوانيّة – خرافيّة...)، ويُسهم في إبراز ملامحها الجسديّة والنفسيّة، وتوضيح خصائص المكان والزمان.

مثاله: ما ورد في نصّ "في جبال خمير" حيث توسّع الراوي في وصف الفضاء الطبيعيّ "فاخترقت السيارة الطرق الجبليّة كثيرة المنعرجات..."

وهذا الوصف يعتمد غالبا على ما يعرف بقنوات الوصف، وهي الاعتماد على الحواس الخمس، مثل البصر والسمع والشمّ والذوق واللّمس.

مثاله: ما ورد في هذا النصّ لنزار النجار (تتفرّق القطط تركض بعيدة وقد أزعجها قرع القبقاب... رائحة الخبز الأسمر الطّازج تستقبلني أرغفة منفوخة كالأقمار... تذوب في الأفواه كما تذوب "غزولة البنات").

كما يُعدّ الحوار عنصرًا أساسيًّا في السّرد، إذ يساهم في:
- الكشف عن العلاقات بين الشخصيّات.
- إبراز مشاعرها ومواقفها.
- تطوير الأحداث وزيادة عنصر التشويق داخل النصّ.

ومثاله: الحوار الدّائر بين الأب وابنه، في نصّ "أنا أيضا مسؤول"، يكشف لنا عن علاقة التوتّر بين الطرفين كما يُحدّد لنا مواصفات كلّ شخصيّة (أب حازم / ابن واثق)، إضافة إلى كونه أنتج اختلال التوازن في النصّ فكان عاملا من عوامل التشويق في السّرد.

عودة إلى صفحة شرح نصوص السنة السابعة أساسي