أشهر العلماء في التاريخ - البيروني - ثقافته ومكانته
البيروني
ثقافته ومكانته
والمدهش في أمر "البيروني" أن الأوزان الّتي عيّنها لهذه المعادن كانت قريبة جدا من الأوزان الحديثة المعروفة حاليا والمثبتة في جدول "مندليف للعناصر" وكان "البيروني" يتحدث أيضا عن خواص العناصر، وكيفية إستخراجها من المناجم أو إستخلاصها من بعضها البعض، وألّف "البيروني" كتابيه "الجماهز في معرفة الجواهر" و"النسب الّتي بين الفلزات والجواهر"، وأهداهما إلى السلطان المنصور الثاني، فنال أعظم مكافأة من السلطان، وأمر السلطان بنسخ هذه المؤلفات ونشرها بين العلماء بعد تكريم "البيروني" بما يستحقه، فقد أثبت "البيروني" أنه ليس فحسب من علماء النبات، أو علماء الفلك، أو الرياضيات أو الجغرافيا، إنما هو عقلية موسوعية شاملة، وعبقرية فذة جامعة، بل هو بحق "أعظم عبقرية في عصره"وربما في العصور التالية لعصره، فهو ليس من العلماء الّذين يتخصصون في أحد العلوم، بل هو من العلماء العباقرة الّذين تتعدد معارفهم وتتسع لتشمل عدة معارف وعلوم متابينة ومختلفة، لكنها متكاملة في النهاية.
لذا يمكننا القول: إن "البيروني" كان صاحب ثقافة علمية هائلة لم تتوافر لأحد من علماء عصره، فقد أحاط علماء بمعارف وعلوم القدماء، ومعارف وعلوم أهل عصره، بل إنه أيضا قد سبق علماء عصره بمعارفه وأعماله ومؤلفاته وإكتشافاته الّتي عكست عبقريته الفذة النادرة.
لم يطل بقاء "البيروني" في "بخارى" إذ سرعان ما نشبت الفتن واحتدمت الصراعات، فسافر "البيروني" مع صديقه "إبن سينا" إلى "جرجان" ونزلا في ضيافة الأمير "شمس المعالي" الّذي رحّب بهما كثيرا، وضمهما إلى مجلس كبار علماء قصره.
وكان "البيروني" قد بلغ من العمر إحدى وثلاثين سنة، وفي "جرجان" تعرف "البيروني" على العالم العظيم "أبو سهل المسيحي" وهناك أيضا قام بتأليف عدة كتب منها: "الآثار الباقية عبر القرون الخالية" ورسالة "الحساب العشرة" و"الرصد الفلكي"، وكتاب "الإسطرلاب" كما قام بعمل عدة رصودات فلكية لخسوف القمر وإرتفاعات الشمس.
وظل "البيروني" في "جرجان" سبع سنوات، ثم رحل بعد ذلك إلى "الجرجانية" العاصمة الجديدة للدولة الخوارزمية بعد أن أصبح "المأمون" أميرها، وقد رحّب المأمون كثيرا بعودة "البيروني"، وضمّه إلى كبار مجلس العلماء الّذي يضم عباقرة من أمثال: "أبن مسكوية"، و"عبد الصمد بن عبد الصمد". وأصبح "البيروني" مستشارا للأمير المأمون في الكثير من الأمور والمهام السياسية للدولة. ورغم إنشغال "البيروني" بالسياسة فإنه لم يهمل أبحاثه العلمية وأرصاده الفلكية، وقد ظلّ "البيروني" يبحث في الكتب ويجري التجارب، ويصنع الآلات الفلكية الّتي يقيس بها إرتفاعات الشمس، ويجري الحسابات الرياضية الّتي يتنبأ من خلالها بالخسوف القمري، ويؤلف في تصنيف المعارف وخواص المعادن والنباتات، وفي هذه الفترة وضع "البيروني" مؤلفاته الشهيرة مثل: "التفهيم لأوائل علم التنجيم" وتحديد نهايات الأماكن" و"القانون المسعودي"، ووضع "البيروني" أيضا تعريفا بالشعوب وتقاليدها، وصناعات تلك الشعوب، كما وصف البلاد والأقاليم وما بها من سهول ووديان وجبال وبحار وأنهار، والعجيب أيضا أنه قد تحدث عن الجهة المقابلة من العالم المعمور (الأمريكتين الآن) وتأكد صدق نبوءته بعد ذلك بقرون بعد رحلة كريستوفر كولومبوس.
وقد تطرّق "البيروني" أيضا في بعض الكتب إلى تكوين الأرض، وتركيب سطحها، وما يعتريها من الزلازل والبراكين والفيضانات، وتناول ظاهرتي المد والجزر، وغير ذلك من الظواهر الفلكية والجغرافيّة والجيولوجيّة.
شكرا
ردحذفنعم انه بحث شامل بالمعلومات
حذف