حماية حقوق الإنسان في الإسلام
حماية حقوق الإنسان في الإسلام
تمهيد:
لا يستقيم نظام مجتمع إلاّ إذا ساده العقل وأخذ فيه الضعيف والقويّ والفقير والغنيّ والصغير والكبير حقوقهم ووجدوا من يذبّ عنها ويحفظها.
ولهذا جاءت الشريعة الإسلاميّة مبيّنة حقوق الناس ومشرّعة طرق حمايتها ومعينة مناط حفظها والمسؤول عن حمايتها.
حفظ الدين :
الدين شريعة الله في الأرض لعباده، والتديّن حقّ وواجب، ومن حقّ الإنسان أن يكون محميا في دينه وعقيدته، ولذلك منع الإسلام على المسلمين أن يكرهوا غيرهم على اتباع دين معين وأوجب عليهم أن يقاتلوا من قاتلوهم ليخرجوهم عن دينهم أو يفتنونهم فيه، وشرع للردّة أحكاما تثبّت المؤمنين على إيمانهم وتحميهم من خطر المنافقين والمتجسّسين، وفرض على المسلمين حماية الذميين وحرّم عليهم أن يهدموا معابدهم أو يمسّوهم بأذى أو يناوئوهم، وأوصى بالإحسان إليهم تأليفا لقلوبهم وحماية لحقوقهم.
حفظ النفس :
الإنسان كائن بشري كرّمه الله تعالى وجعل له حرمة مرعية الوجوب، وفي مقدّمة ذلك حفظ النفس وحقّ الحياة ولذا تجد في نصوص فقهيّة كثيرة نهيا قاطعا على الانتحار وقتل النفس والاعتداء على الذات البشريّة في أيّ عضو من أعضائها، وترى تشريعا للقصاص نفيا للقتل والظلم، وفرض الجهاد دفاعا عن النفس، ورخّص للعاجز والمريض الإفطار في رمضان والتيمّم للصلاة حفاظا على النفس، ومن الأحكام المقرّرة شرعا أن من قتل نفسا بغير حقّ فكأنّما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعا، ولذا تقتل الجماعة بالواحد.
وقد تأخذ الوسائل والذرائع للخير والشرّ حكم الغايات، فما أعان على الحياة مثلا يصبح واجبا كمداواة المرضى، لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، وما أعان على الفناء أو كان طريقا إليه يكون محرّما كإهمال المرضى وكالمخدرات، وقد ينقلب فرض الكفاية فرضا عينيّا ويأثم الجميع بتركه كتقاعس جماعة عن نجدة غريق وكان في الإمكان نجاته بتطوّع البعض منهم لإنقاذه فبقوا ينظرون إليه إلى أن هلك، فالجميع شركاء في الإثم، وكلّ واحد منهم كان قادرا على انتشاله أو المساهمة في ذلك وتخلّى عن واجبه عليه وزر القاتل.
حفظ العقل :
نوّه الإسلام بالعقل وأشاد القرآن الكريم بالفكر والتأمّل في آيات تجاوزت الثمانين آية وجعل الله معاني الإيمان مناط الفكر والبحث ورتّب الثواب والعقاب على التصرّفات الإراديّة التي يأمر بها العقل، لذلك فرض على الإنسان تزكيته بطلب العلم ودعاه إلى العناية بصحّة الجسم لتتوفّر له سلامة العقل، وأنزل في الخمر الذي يذهب به حكما شرعيّا وتحريما قاطعا، وجعل للحاكم حقّ تأديب السكران حفاظا على عقله وزجرا لغيره.
حفظ النسب :
أودع الله في الإنسان الفطرة الجنسيّة ليكون التوالد والتناسل ويبقى النوع، ولكنّه حمّل الإنسان مسؤوليّة الإنجاب وجعل الولد للفراش وفرض على والديه القيام بشؤونه إلى الرشد بالنسبة للذكر وإلى الزواج بالنسبة للأنثى، وحتى تحفظ الأنساب ويعرف الإبن أمّه وأباه ولا تضيع المسؤوليات شرع الإسلام الزواج ورغب فيه وقرّر أحكام النسب، وفصل أحكام اللعان، وحرّم الزنى وشنّع بالزناة، وأمر بإقامة الحدود عند ثبوت الفاحشة.
حفظ المال :
المال في الإسلام مال الله والناس فيه خلفاء، لكلّ منهم حقّ اكتسابه والتصرّف فيه تصرّفا مشروعا، وعلى كلّ واحد أن يحفظ المال من التبذير ومن الاكتناز وأن يمنع نفسه من اكتسابه عن طرق الغشّ أو الغبن أو التطفيف أو السرقة أو الغصب أو الرشوة وأن يحميه من سوء تصرّف القاصر والسفيه، وللسلطة حقّ الحجر على من أساء التصرّف في ماله رعاية لمصلحته وحفاظا على سلامة المجتمع.
النتائج
- شرع الإسلام تشريعات تحمي حقوق الإنسان.
- ففي حفظ الدين شرّع الجهاد وأحكام الردّة، وأحكام الذميين.
- وفي حفظ النفس كان النهي عن القتل، وشرعيّة الدفاع عن الذات الإنسانيّة.
- وفي حفظ العقل الأمر باستعمال الرأي، ومنع المخدرات والعناية بالصحّة عموما.
- وفي حفظ النسب رغب في الزواج ومنع الزنى. وفي حفظ المال شجّع على الاكتساب، ومنع التبذير، والغشّ، والغبن، والتطفيف، والرشوة، والسرقة وسنّ الحجر على القاصر والسفيه.
إن وضع تعليقك (أسفل الصفحة) لشكرنا أو لنقدنا يهمنا كثيرا. ونرجو منك أن تساهم في نشر كل موضوع ترى أنه أفادك وذلك بالنقر على الزر Partager (أعلى الصفحة) حتى تعم الفائدة على أصدقائك.
ليست هناك تعليقات:
حتى تصبح عضوا في الموسوعة المدرسية انزل إلى أسفل الصفحة