الحياة الاقتصادية والاجتماعية - عصر سليمان القانوني
الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة - عصر سليمان القانوني
1)- الحياة الاقتصاديّة:
لم يكن الفتح العثماني عمليّة غزو وتخريب بقدر ما كانت عمليّة أمن واستقرار. فقد استفادت البلاد المفتوحة من السيطرة العثمانيّة فاستمرّ النشاط الزراعي مستفيدا من الاستقرار والأمن العثماني بفضل وجود حكومة مركزيّة قويّة.
لم يكن الفتح العثماني عمليّة غزو وتخريب بقدر ما كانت عمليّة أمن واستقرار. فقد استفادت البلاد المفتوحة من السيطرة العثمانيّة فاستمرّ النشاط الزراعي مستفيدا من الاستقرار والأمن العثماني بفضل وجود حكومة مركزيّة قويّة.
أ)- الزراعة :
اعتمد النشاط الزراعي في الإمبراطوريّة العثمانيّة على النظام الإقطاعي فقد احتفظت الدولة بالنظام الاجتماعي والاقتصادي لدى الشعوب التي تمّ إخضاعها لنفوذها فبقيت الأراضي وحتّى السلطة بأيدي الإقطاعيين المحليين، فكان نظام ملكيّة الأراضي في الأقاليم العربيّة التابعة للإمبراطوريّة مقسّما إلى عدّة أقسام منها :
- أراضي الدولة وهي الأراضي الأميريّة التي اعتبرها السلطان ملكا خاصّا به.
- أراضي المؤسّسات الدينيّة وهي الأراضي التي يستغلّها رجال الدين وتستفيد منها المؤسّسات الدينيّة كأراضي الأوقاف بسوريا والعراق ومصر وأراضي الأحباس بشمال إفريقيا. ومصدر هذه الأراضي التبرّعات من ذوي البرّ والإحسان وهي معفاة من الضرائب.
- الأراضي الخاصة وهي الأراضي التي يملكها الخواص وتخضع لدفع الضرائب.
- الأراضي المشاعة وهي غالبا من المراعي التي تعتمد ملكيتها على الشياع بين العشائر والقبائل خاصّة في المناطق التي سكنها البدو، وقد اتّبع الأتراك سياسة تعسفيّة تجاه هذه الأراضي فاغتصبوها واعتبروها أميريّة تابعة للدولة.
وقد كان أكثر أنواع الأراضي انتشارا في الإمبراطوريّة العثمانيّة الأراضي الأميريّة والتي كانت تنقسم بدورها إلى قسمين أساسيين :
- الخاصيات وهي إقطاعات شاسعة لا يقلّ دخلها عن 10.000 أقجة يتصرّف فيها السلطان هو وأفراد عائلته وينتفع منها الوزراء وكبار الموظفين عند توليتهم المناصب الهامة في الدولة.
- الإقطاعات العسكريّة.
تمنح الأراضي الإقطاعيّة للصباهيّة مدى الحياة وتعفى من الضرائب مقابل التزامهم بالخدمة العسكريّة والمساهمة في الغزوات السلطانيّة مع فرسانهم.
ويحدّد عدد الفرسان بموجب مساحة الإقطاع فيجنّد لكلّ 3.000 أقجة من الدخل فارس واحد، وتعرف الإقطاعات العسكريّة التي يزيد دخلها عن 20.000 أقجة بالزعامت والتي لا يتجاوز دخلها هذا المقدار بالتيمار ويجرى منح هذه الأراضي على أساس طبقي صرف إذ ينحصر في طبقة الإشراف دون سواهم.
وتستغلّ الأراضي الإقطاعيّة بأنواعها من قبل الفلاحين الذين يلتزمون بدفع الضرائب فهم يمثّلون الأغلبيّة الساحقة في المجتمع وكانوا يتسلّمون من الإقطاعيين قطعة من الأرض تعرف بالجفلك يرتبطون بها ويستغلّونها بإذن خاصّ من الإقطاعي.
وساد هذا النظام بصفة خاصّة في آسيا الصغرى وشبهة جزيرة البلقان وشمال العراق وسوريا أمّا في بقية الأقطار العربيّة فقد بقيت الأراضي في حوزة الإقطاعيين المحلّيين الذين يدفعون الخراج لولاة السلطان.
ب)- الصناعة والتجارة :
ازدهرت الحركة الصناعيّة والتجاريّة في المدن ونمت بسرعة لأنّ الإمبراطوريّة أصبحت سوقا واسعة غنيّة بالرغم من الكساد الذي طرأ في بعض المناطق العربيّة كمصر والشام إثر اكتشاف رأس الرجاء الصالح من طرف البرتغاليين الذين فرضوا حصارا اقتصاديّا على البلاد العربيّة. ومع ذلك فقد نشطت التجارة الخارجيّة مع جنوة والبندقيّة وفرنسا خاصّة بعد الامتيازات التي منحها السلطان سليمان القانوني إلى فرانسوا الأوّل ففتحت قنصليات بحلب 1552 وطرابلس 1584... وأصبحت فرنسا تحتلّ المرتبة الأولى في التجارة الأوروبيّة، إذ كانت تصدر إلى الإمبراطوريّة العثمانيّة الأقمشة والورق والمصنوعات وتستورد الجلد والصوف والحرير والتوابل...
كان المجتمع العثماني بحكم اتّساع الإمبراطوريّة يتكوّن من عناصر متنوّعة في الدين واللّغة والجنس، فهناك المسلمون من عرب وأتراك وفرس وبربر... ومسيحيون أوروبيون أغلبهم من الشعوب السلافيّة ويهود وعبيد. وقد تمتّع هؤلاء جميعا بالحريّة الدينيّة طبقا لمبادئ الإسلام، فاعتنقت بعض الشعوب المسيحيّة طوعا أو كرها الديانة الإسلاميّة للتخلّص من بعض الضرائب أو لتولّي المناصب الهامّة في الدولة.
ليست هناك تعليقات:
حتى تصبح عضوا في الموسوعة المدرسية انزل إلى أسفل الصفحة