جابر عثرات الكرام - نصوص أدبيّة - السنة الخامسة ابتدائي
نصوص أدبيّة
السنة الخامسة أساسي
فَمَا أَكْثَرَ الإِخْوَانَ حِينَ تَعُدُّهُمْ *** وَلَكِنَّهُمْ فِي النَّائِبَاتِ (1) قَلِيلُ
إِنَّ أَصْدِقَائِكَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ، كَثِيرُونَ حِينَ تُقْبِلُ عَلَيْكَ الدُّنْيَا (2)، لَكِنَّهُمْ قَلِيلُونَ إِذَا أَدْبَرَتْ عَنْكَ. فَلاَ يُوَاسِيكَ عِنْدَئِذٍ إِلاَّ الصَّدِيقُ الحَمِيمُ.
6- جَابِرُ عَثَرَاتِ الكِرَامِ
1- اِشْتَهَرَ خُزَيْمَةُ بْنُ بِشْرٍ بِالمُرُوءَةِ وَالكَرَمِ وَالمُوَاسَاةِ، وَكَانَتْ نِعْمَتُهُ وَافِرَةٌ. وَلَكِنَّ المَصَائِبَ تَوَالَتْ عَلَيْهِ حَتَّى نَفِدَ مَالُهُ، فَلَجَأَ إِلَى إِخْوَانِهِ الَّذِينَ كَانَ يُوَاسِيهِمْ، وَيَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ، فَوَاسُوهُ حِينًا ثُمَّ مَلُّوهُ، فَلَمَّا لاَحَ لَهُ تَغَيُّرُهُمْ (5) عَزَمَ عَلَى الاِنْزِوَاءِ عَنْهُمْ إِلَى أَنْ تَحِينَ سَاعَةُ الفَرَجِ. وَأَقَامَ فِي بَيْتِهِ حَائِرًا فِي حَالِهِ، وَكَانَ لَهُ صَدِيقٌ حَمِيمٌ يُدْعَى عِكْرِمَةَ، اِضْطَرَّتْهُ ظُرُوفُ العَمَلِ إِلَى أَنْ يَتَغَيَّبَ طَوِيلاً عَنِ البَلَدِ. فَلَمَّا عَادَ اِجْتَمَعَ بِهِ إِخْوَانُهُ مُرِحِّبِينَ، فَلَمْ يَرَ فِيهِمْ خُزَيْمَةَ. فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ لَهُ: "لَقَدْ صَارَ فِي أَسْوَإِ حَالٍ، وَهَجَرَ رِفَاقَهُ (6) وَلَزِمَ بَيْتَهُ." فَقَالَ عِكْرِمَةُ: "فَمَا وَجَدَ خُزَيْمَةُ مُوَاسِيًا وَلاَ مُكَافِئًا؟".
2- وَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ عَمَدَ عِكْرِمَةُ إِلَى مَبْلَغٍ عَظِيمٍ مِنَ المَالِ، فَجَعَلَهُ فِي كِيسٍ، وَاِنْطَلَقَ بِهِ مُتَنَكِّرًا حَتَّى وَقَفَ بِبَابِ خُزَيْمَةَ، فَطَرَقَهُ، فَخَرَجَ خُزَيْمَةُ، فَدَفَعَ لَهُ الكِيسَ وَقَالَ لَهُ: "أَصْلِحْ بِهَذَا شَأْنَكَ (7)،" فَتَنَاوَلَ خُزَيْمَةُ الكِيسَ وَقَالَ: "مَنْ أَنْتَ؟ جُعِلْتُ فِدَاكَ (8) فَقَالَ: "مَا جِئْتُ فِي هَذَا الوَقْتِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تَعْرِفَنِي" قَالَ خُزَيْمَةُ: "فَمَا أَقْبَلُهُ، أَوْ تُخْبِرَنِي مَنْ أَنْتَ؟" فَقَالَ: "أَنَا جَابِرُ عَثَرَاتِ الكِرَامِ".
3- وَدَخَلَ خُزَيْمَةُ بِالكِيسِ إِلَى اِمْرَأَتِهِ، فَقَالَ لَهَا: "أَبْشِرِي، فَقَدَ أَتَى اللَّهُ بِالفَرَجِ" ثُمَّ أَصْبَحَ فَصَالَحَ غُرَمَاءَهُ (9)، وَأَصْلَحَ مِنْ حَالِهِ، وَكُلَّمَا جَالَسَ قَوْمًا وَذَكَرَ حَالَهُ تَنَهَّدَ وَقَالَ: "جَزَى اللَّهُ جَابِرَ عَثَرَاتِ الكِرَامِ".
ثمرات الأوراق
(بتصرف)
الشرح:
1- النَّائِبَاتُ: مَا ينْزِلُ بالإنْسَانِ مِنَ المَصَائِبِ والحوادِثِ المُؤْلِمَةِ (مفردها: النَّائبةُ).
2- تُقْبِلُ عَلَيْكَ الدُنْيَا: تجيئك بِخيْرِها، ويَسْهلُ عيشك ويَهْنَأ، فإذا ضاق عيشُك وعَسُرَ، يُقالُ: "أدْبَرَتْ عَنْكَ الدنيَا" أي ولَّتْ وَذَهَبَتْ بِخَيْرِهَا.
3- يُواسِيكَ الصّديقُ: يقال: وَاسَاهُ بِمَالِهِ: أي أعطاه منه، وواسَاهُ عند الشِدَّةِ: أي عزَّاهُ وسلاَّهُ وصبَّرَهُ وخفَّفَ عنه أَلَمَ المُصِيبَةِ.
4- جَابِرُ العَثَرَاتِ: جَبَرَ العَظْمَ المَكْسُورَ: أَيْ أَصْلَحَهُ، وَجَبَرَ الفَقِيرَ: أَيْ أَعْطَاهُ مَا يَكْفِيهِ حَاجَتَهُ. العَثَرَاتُ: مُفْرَدُهَا: العَثَرَةُ: وهي السَّقْطَةُ: يُقَالُ: عَثَرَ الرَّجُلُ أَيْ زَلَّتْ قَدَمُهُ وَسَقَطَ، وَعَثَرَ حَظُّهُ: أي تَعِسَ وَسَاءَتْ حَالُهُ. وَجَابِرُ العَثَرَاتِ: هُوَ الذِي يُسْرِعُ لإعَانَةِ مَنْ سَاءَتْ حَالُهُمْ وَنَامَ حَظُّهُمْ.
5- لاَحَ لَهُ تَغَيُّرُهُمْ: ظَهَرَ لِخُزَيْمَةَ أَنَّ إِخْوَانَهُمْ قَدْ غَيَّرُوا مَعَهُ سُلُوكَهُمْ، وَشَحُّوا عَلَيْهِ بِإِعَانَتِهِمْ.
6- هَجَرَ رِفَاقَهُ: تَرَكَهُمْ، وَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَعُدْ يُجَالِسُهُمْ.
7- أَصْلِحْ بِهَذَا شَأْنَكَ: اِصْرِفْ هَذَا المَالَ فِي تَحْسِينِ حَالِكَ وَقَضَاءِ حَوَائِجِكَ.
8- جُعِلْتُ فِدَاكَ: فَدَى الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ: أيْ تَعَرَّضَ لِلْمَكْرُوهْ مَكَانَهُ وَ"جُعِلْتُ فِدَاكَ": أيْ أُفْدِيكَ بِنَفْسِي، وَهْيَ عِبَارَةٌ يُرِيدُونَ بِهَا الدُعَاءَ وَالتَحَبُّبَ وَالثَّنَاءَ.
9- صَالَحَ غُرَمَاءَهُ: الغَرِيمُ هُوَ الدَّائِنُ، أيْ الذِي أَقْرَضَكَ مَالاً، وَصَالَحَ غُرَمَاءَهُ: أيْ دَفَعَ لِغُرَمَائِهِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدُّيُونِ فَكَفُّوا عَنْ مُطَالَبَتِهِ.
المعـــانـــي
1- كيف كان خُزيمةُ يُعامِل إخوانَهُ حين كان موفورَ النعمةِ؟
2- كيف عامله إخوانُه حين صار في ضيقٍ؟ وما رأيُك في سلوكِهِمْ؟
3- عَلاَمَ يَدُلُّ اِنتباه عِكْرِمَةَ لغياب خُزيمةَ؟
4- ماذا تفهمُ منْ قولِ عِكْرِمَةَ: " فَمَا وَجَدَ خُزَيْمَةُ مُوَاسِيًا وَلاَ مُكَافِئًا؟"
5- ذهب عكرمةُ إلى خُزيمةَ بالكيسِ مُتنكِّرا، فلماذا أحبّ أن لا يعرفَه صديقُه؟
ليست هناك تعليقات:
حتى تصبح عضوا في الموسوعة المدرسية انزل إلى أسفل الصفحة