حول مائدة الجدّ - نصوص أدبيّة - السنة الخامسة ابتدائي
1- فِي ذَاتِ صَيْفٍ كَانَتْ الأُسْرَةُ كُلَّهَا مُجْتَمِعَةٌ، وَكَانَ الأَمْرُ فِي الدَّارِ قَائِمًا عَلَى قَدَمٍ وَسَاقٍ (1)، فَقَدْ تَعَمَّدَ أَبْنَاءُ الأُسْرَةِ جَمِيعًا أَنْ يَلْتَقُوا عِنْدَ أَبَوَيْهِمْ، فَكَانَ مِنْهُمُ الكَهْلُ مَعَهُ زَوْجَتُهُ وَبَنُوهُ، وَالشَّابُّ مَعَهُ زَوْجُهُ التِي لَمْ تَلِدْ بَعْدُ، وَالشَّابُّ الآخَرُ الذِي لَمْ يَتَزَوَّجُ، وَالفَتَى الذِي لَمْ يُتِمَّ الدَّرْسَ، وَالصَّبِيُّ الذِي لَمَّا يَنَلْ شَهَادَتَهُ الاِبْتِدَائِيَّةَ.
2- وَكَانَتْ الأُسْرَةُ كَأَحْسَنِ مَا تَكُونُ الأُسَرُ فَرَحًا وَمَرَحًا (2)، وَكَانَ خَالِدٌ الشُّيْخُ كَأَحْسَنِ مَا يَكُونُ الشُّيُوخُ وَالآبَاءِ غِبْطَةً وَابْتِهَاجًا، أَحَبُّ أَوْقَاتِهِ إِلَيْهِ أَنْ يَجْلِسَ إِلَى المَائِدَةِ وَحَوْلَهُ هَذِهِ القَبِيلَةُ الضَّخْمَةُ مِنَ الأَبْنَاءِ وَالحَفَدَةِ (3). وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ فِي صَيْحَةٍ وَجَلَبَةٍ، لاَ يَكَادُ بَعْضُهُمْ يَسْمَعُ حَدِيثَ بَعْضٍ، وَأُمُّهُمْ قَائِمَةٌ عَلَى رَأْسِ المَائِدَةِ، تُشْرِفُ عَلَى غَدَائِهِمْ أَوْ عَشَائِهِمْ، تُوصِي هَذَا بِهَذَا اللَّوْنِ مِنَ الطَّعَامِ، وَتُنَبِّهُ ذَاكَ إِلَى هَذَا اللَّوْنِ الذِي كَانَ يُحِبُّهُ صَبِيًّا، وَتَحُثُّ المُقَصِّرَ فِي الأَكْلِ (4) عَلَى أَنْ يَأْكُلَ، وَتُحَمِّسُ الفَاتِرَ (5) عَلَى أَنْ يَنْشَطَ. وَالخَدَمُ يُطَوِّفْنَ بِالصِّحَافِ، وَيَصْبُبْنَ المَاءَ فِي الأَقْدَاحِ، وَيَلْتَقِطْنَ مِنَ الأَحَادِيثِ وَالنُّكَتِ مَا يَسْتَطِعْنَ أَنْ يُعِدْنَهُ مُتَنَدِّرَاتِ بِهِ (6)، مُسْتَمْتِعَاتٍ بِمَا يُثِيرُهُ فِي نُفُوسِهِنَّ مِنْ لَذَّةٍ وَابْتِهَاجٍ.
طه حسين
(بتصرف)
الشرح:
1- الأَمْرُ فِي الدَّارِ قَائِمًا عَلَى قَدَمٍ وَسَاقٍ: عَمَّ الدارَ نَشَاطٌ عظيمٌ وحركةٌ غيرُ مألوفةٍ بسبب قدوم الزَّائرين الكثيرين.
2- كَأَحْسَنِ مَا تَكُونُ الأُسَرُ فَرَحًا وَمَرَحًا: إنَّ اجتماعَ شَمْلِ العائلةِ أَدْخَلَ عَلَى أفرادِها فَرَحًا عَظيمًا، فصاروا يشعرون بمُنْتًهَى السَّعادَةِ.
3- القَبِيلَةُ الضَّخْمَةُ مِنَ الأَبْنَاءِ وَالحَفَدَةِ: القَبِيلَةُ: الجماعة من الناس تنتسب إلى أب واحد وهي تضمُّ عائلاتٍ عديدةٌ، والحفَدَةُ (مفردها حفيدٌ) وهو ابْنُ الابْنِ – لقد جلس الجدُّ وَمِنْ حَولهِ قبيلتُهُ المتكوِّنةُ من أبنائِه وحفدتِهِ.
4- تَحُثُّ المُقَصِّرَ فِي الأَكْلِ: حثّه: أي نشّطه – والمقصّر في الأكل: هو المُتَوَانِي أي المُتَرَاخِي فِي تناوُل الطَّعَام – فالأُمُّ كانت تُلحُّ على أبنائِهَا المُتَوَانين فِي الأكلِ حتَّى يَنْشَطُوا ويتناولوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ بِدُونِ تَرَاخٍ.
5- تُحَمِّسُ الفَاتِرَ: تُنَشّط من بدأ يفتر ويتوانى في الأكلِ.
6- مُتَنَدِّرَاتِ بِهِ: تَنَدَّرَ بِالكَلاَمِ: أي رَوَاهُ كَنَادِرَةٍ لِيَتَفَكَّهَ بِهِ ويُطْرِبَ بِهِ سَامِعِيهِ. والنَّادِرَةُ: هي القِصّةُ الطَّريفةُ العجيبةُ التي تُثيرُ الاستغرابَ.
المعـــانـــي
1- لماذا كان الأمر قائما على قَدَمٍ وَسَاقٍ في دارِ الجدّ؟
2- لماذا كانت الأسرةُ كَأحسنِ ما تكونُ الأُسَرُ فرحًا ومرحًا؟
3- لماذا يحبُّ الشَّيخُ أن يجمعَ حولَه أفرادَ عائلتِه؟
4- فيم تَظْهَر عنايةُ الأمِّ بأبنائها؟
5- كيف كانت حالةُ الخدَمِ وهُنَّ يَقُمْنَ بِعَمَلِهِنَّ؟
ليست هناك تعليقات:
حتى تصبح عضوا في الموسوعة المدرسية انزل إلى أسفل الصفحة