الجدّة وحفيدها - نصوص أدبيّة - السنة الخامسة ابتدائي
1- إِنَّ إِقَامَةَ هَذِهِ الجَدَّةِ فِي مَدِينَةٍ أُخَرَى، تَجْعَلُ مِنْ قُدُومِهَا عِيدًا لَدَى الأَطْفَالِ، لاَ سِيَّمَا كَماَلٌ الصَّغِيرُ، فَإِذَا جَاءَتْ، لاَ تَكْتَفِي بِأَنْ تَقْبَعَ فِي المَنْزِلِ (1) كَمَا تَفْعَلُ الجَدَّاتُ، وَإِنَّمَا هِيَ دَائِمَةُ الزِّيَارَاتِ لِلأَسْوَاقِ، تَشْتَرِي مِنْهَا أَشْيَاءَ إِمَّا لِلْمَنْزِلِ، وَإِمَّا لِلأَطْفَالِ. وَكَثِيرًا مَا يَصْحَبُهَا كَمَالٌ فِي هَذِهِ الرَّحْلاَتِ، فَيَنْعَمُ بِمُشَاهَدَةِ الأَسْوَاقِ الغَاصَّةِ بِالنَّاسِ، وَهْوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ بُدَّ عَائِدٌ بِهَدِّيَةٍ لِنَفْسِهِ، وَأَحْيَانًا لِإِخْوَتِهِ.
2- كَانَتِ الجَدَّةُ عَطُوفًا عَلَى أَحْفَادِهَا، وَقَدْ خَصَّتْ كَمَالاً بِأَكْبَرِ قِسْطٍ مِنْ هَذَا العَطْفِ. فَهْيَ تَغْضَبُ لِأَقَلِّ عُقُوبَةٍ تُصِيبُ طِفْلَهَا المُدَلَّلِ، وَلَوْ كَانَ بِهَذِهِ العُقُوبَةِ جَدِيرًا (2). لِذَلِكَ يُصْبِحُ كَمَالٌ لاَ يُطَاقُ (3) عِنْدَ حُضُورِ الجَدَّةِ. فَيَكْظِمُ إِخْوَتُهُ غَيْظَهُمْ (4)، وَيَتَوَعَّدُونَهُ بِالاِنْتِقَامِ بَعْدَ سَفَرِهَا. وَهْوَ لاَ يَتَوَانَى عَنِ الشَّكْوَى إِلَيْهَا (5) مِنْ إِخَوَتِهِ، فَتَتَوَسَّطُ فِي الصُّلْحِ بَيْنَهُمْ. وَيَقْبَلُونَ تَوَسُّطَهَا رَاضِينَ، إِذْ تُتْحِفُهُمْ دَائِمًا بِالهَدَايَا (6) مِنْ اللُّعَبِ وَالحَلْوَى وَالنُّقُودِ.
3- وَلَمَّا تَعَلَّمَ كَمَالٌ القِرَاءَةَ صَارَتِ الجَدَّةُ تَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَقْرَأَ لَهَا بَعْضَ القِصَصِ. فَيَجْلِسُ بِجَانِبِهَا، وَيَقْرَأُ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعِ، وَهْيَ تُصْغِي إِلَيْهِ بِاهْتِمَامٍ، إِنَّهَا سَرِيعَةُ التَّأَثُّرِ، تَضْحَكُ فِي مَوَاقِفِ الضَّحِكِ، وَتَحْزَنُ فِي مَوَاطِنِ الحُزْنِ. فَيَشْعُرُ كَمَالٌ بِزَهْوٍ (7) إِذْ يَظُنُّ أَنَّ قِرَاءَتَهُ هِيَ السَّبَبُ فِي هَذَا التَّأَثُّرِ وَأَحْيَانًا يُتْعِبُهُ الجُلُوسُ، فَيَضْطَجِعُ، وَيُسْنِدُ رَأْسَهُ إِلَى رُكْبَتِهَا، وَسُرْعَانَ مَا يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ النُّعَاسُ، فَيَشْعُرُ، فِيمَا يُشْبِهُ الحُلْمَ، بِقُبْلَةِ حَنَانٍ مِنْ جَدَّتِهِ، قَبْلَ أَنْ تَرْفَعَهُ أُمُّهُ بَيْنَ ذِرَاعَيْهَا، لِتَضَعَهُ فِي سَرِيرِهِ.
حسن محمود
(بتصرف)
الشرح:
1- لاَ تَكْتَفِي بِأَنْ تَقْبَعَ فِي المَنْزِلِ: قَبَعَ فِي المَنْزَلِ: دَخَلَهُ وبقِيَ فيه. هذه الجَدَّةُ حينَ تزور أَحْفَادَهَا لا تكتفي بالبقاء في المنزل، بل هي نشيطةٌ تخرج إلى الأسواقِ فتقضي شُؤُونَهَا.
2- وَلَوْ كَانَ بِهَذِهِ العُقُوبَةِ جَدِيرًا: يُقَالُ: فُلاَنٌ جديرٌ بالإكرامِ أي هو أهلٌ له ويستحقه – وهو جدير بالعقوبة: أي يستحقّها لأنّه قام بأعمالٍ سيئةٍ – الجدّةُ تغضَبُ حين يُعَاقَبُ حَفِيدُها ولو كان يستحقُّ هَذَا العقَابَ.
3- يُصْبِحُ كَمَالٌ لاَ يُطَاقُ: تقول: هذا عمل لاَ يُطَاقُ: أي لا يقدر أحد أن يحتمله – حين تَحْضُرُ الجَدَّةُ يُحِسُّ كمالٌ أنَّه فِي مَأمَنٍ من كلّ عِقابٍ، فيتشجَّعُ ويُمعِنُ في العبث حتى يصيرَ لا يُطَاقُ.
4- يَكْظِمُ إِخْوَتُهُ غَيْظَهُمْ: الغَيْظ: شِدَّةُ الغضب – كَظَمَ الغَيْظَ: حَبَسَه وأخفاهُ – يشتدُّ غضبُ الإخوةِ من كمال ويَوَدُّونَ الانتِقَامَ منه، لكنّهم يَكْظِمُونَ غيظَهم خَوفًا من الجَدَّةِ.
5- لاَ يَتَوَانَى عَنِ الشَّكْوَى إِلَيْهَا: تَوَانَى فِي عمله: قَصَّرَ فيه، وأهمَلَه، ولم يهتم به – إِنَّ كمالاً يتحقّق أَنَّ جدَّتَه تَحْمِيهِ وتَنْصُره، فكلَّما ضَايَقَهُ أحَدٌ من إخوَتِهِ أسرع إلى جَدَّتِهِ وشكا إليهَا.
6- تُتْحِفُهُمْ دَائِمًا بِالهَدَايَا: تشتري لهم أشياء كثيرةٌ تُهْدِيهَا إليهم، وتُمَتّعُهُمْ بِهَا.
7- فَيَشْعُرُ كَمَالٌ بِزَهْوٍ: يحسُّ كمالٌ بِكِبْرٍ، وَيُعْجَبُ بنفسِه كثيرا.
المعـــانـــي
1- لماذا يفرح الأطفالُ بقدوم جدّتِهم؟
2- لماذا يتضاعف فرحُ كمالٍ بهذه الزيارةِ؟
3- بماذا تمتاز هذه الجدَّةُ عن غيرها من الجدّاتِ؟
4- الجدَّةُ تُدَلِّلُ كمالاً أكثر من سِواهُ أين يظهر ذلك؟
5- لماذا يصير كمالٌ لا يُطَاقُ عند حضور الجدَّة؟
6- ما هو الدور الذِي تَقُومُ بِهِ الجدَّةُ إذا تخاصَمَ الأطفالُ؟
7- كيف تنتهي الخصومةُ بينهم؟
8- مَاذَا تفعل الجدَّة لتُشجّعَ كمالا على القراءة؟
9- لماذا يشعر كمال بزهو وهو يقرأ قصَّتَه؟
من اعز ماقرات
ردحذف