التوسع في عصر سليمان - عصر سليمان القانوني
التوسّع العثماني في الشرق وتنظيم الدولة
التوسّع العثماني في الشرق وتنظيم الدولة
التوسّع في عصر سليمان - عصر سليمان القانوني
1- سليمان القانوني (1520-1566) :
ولد سليمان الأول في 27 أفريل 1494 وتولّى الحكم في 22 سبتمبر 1520، فكان عاشر سلاطين الدولة العثمانيّة، وتدرّب على ممارسة السلطة في عهد أبيه إذ كان نائبا عنه حينما توجّه لفتح الشام ومصر.
وقد امتاز بالذكاء والحزم والحكمة والوفاء وبعد النظر وحبّ النظام والشجاعة والصبر والإيمان والتواضع. فقد قال إثر انتصار أسطوله في موقعة جربة: "إذا افتكر الإنسان أنّ هذا التوفيق العظيم قد ساقه إلينا البارئ جلّ وعلا بألطافه الإلهيّة فلا داعي للغرور أو التفاخر". قد عرف عند المسلمين بالقانوني وعند الأوروبيين بالعظيم، فكان ملوك أوروبا يخاطبونه السيد الأعظم (Grand Seigneur) ويخاطبه ملك فرنسا بإمبراطور العالم الكبير (Grand Empereur du Monde) فقد اكتسب هذه المكانة الدوليّة الممتازة نتيجة لتنظيماته وفتوحاته في أوروبا وآسيا.
2- التوسّع في أوروبا :
أ)- احتلال بلغراد ورودس :
انصرف سليمان القانوني للاستيلاء على أوروبا مواصلا خطّة أبيه فشنّ عدّة حملات عسكريّة على أوروبا الشرقيّة، خاصّة على المجر لأهمّيتها الاقتصاديّة والإستراتيجيّة فهي غنيّة بالحبوب والخيول... وهي المنفذ الرئيسي للوصول إلى ترانسلفانيا وصربيا.
لذلك اتّخذ السلطان قتل سفيره من طرف لويس الثاني ملك المجر ذريعة ليشنّ عدّة حملات عسكريّة على أوروبا، فتوجّه بجيوشه إلى بلغراد وضرب حولها حصارا شديدا استغرق شهرين ونصفا، فهدم أسوارها بالألغام وفتحها عنوة سنة 1521 وصلّى صلاة الجمعة في إحدى كنائسها التي تحوّلت فيما بعد إلى مسجد. فقد كانت هذه المدينة أعظم حصن يمنع تقدم العثمانيين إلى ما وراء نهر الدانوب وبسقوطها انفتح الطريق أمام الجيوش العثمانيّة.
وبعد هذه الانتصارات السريعة في بلغراد تحوّل السلطان لاحتلال جزيرة رودس معقل فرسان القديس يوحنا الذين كانوا يساعدون القراصنة النصارى قصد عرقلة حركة التجارة في البحر الأبيض المتوسّط. ففي جويلية 1522 ضربت الجيوش العثمانيّة حصارا على قلعة الجزيرة فاستسلم قائدها بعد أن تكبد الجانبان خسائر مريعة، وانسحب الفرسان من الجزيرة وتعهدت الدولة بالمحافظة على ممتلكات النصارى وإعفائهم من دفع الجزية لمدّة خمس سنوات.
ب)- واقعة موهاكس وحصار فينا :
حاول لويس الثاني ملك المجر التوغّل في حدود الإمبراطوريّة العثمانيّة فجهّز السلطان سليمان القانوني جيشا عظيما بقيادة الصدر الأعظم إبراهيم باشا والتحق به السلطان فانهزم المجريون وحلفاؤهم الكرواتيون في موقعة موهاكس سنة 1526 وتقدّم السلطان فاستولى على بودا العاصمة وفتح قلعة بست ونصب جان زابلي أمير ترانسلفانيا ملكا على المجر بعد مقتل لويس الثاني في موقعة موهاكس.
وفي سنة 1527 ادّعى فرديناند ملك النمسا أحقيته في العرش المجري لقرابته من لويس الثاني فاستنجد زابلي بالسلطان الذي تقدّم بجيوشه محاصرا بودا من جديد وفرّ فرديناند إلى عاصمته فينا، وأعاد السلطان زابلي ملكا على المجر وفرض عليه جزية سنويّة، ثمّ واصل زحفه لفتح عاصمة النمسا فضرب حولها حصارا شديدا سنة 1529 ودكّ أسوارها بالمدافع غير أنّ المدينة صمدت، ثم حاول سنة 1532 فتحها من جديد لكن دون جدوى وذلك لتناقص الذخيرة الحربيّة وكثرة الثلوج وهجوم الفرس على أطراف الإمبراطوريّة، لذا اضطرّ السلطان لفك الحصار فتوجه للشرق لفتح فارس والعراق.
ج)- الفتح النهائي للمجر :
في سنة 1540 عاد السلطان من جديد لفتح بلاد المجر إثر اتفاق زابلي مع فرديناند على طرد المسلمين واقتسام المجر بينهما. ففي سنة 1541 وصل السلطان إلى بودا فدخلها دون مقاومة، إذ مات زابلي وتراجع فرديناند ومن ذلك الحين أصبحت بلاد المجر ولاية عثمانيّة وتحوّلت بعض كنائسها إلى مساجد. وفي سنة 1547 تمّ الصلح بين سليمان وفرديناند على أن تكون المجر وترانسلفانيا من أملاك الدولة العثمانيّة ووقع هذه المعاهدة كلّ من شارل كان وفرنسوا الأول ورئيس جمهوريّة البندقيّة، والبابا، فكان ذلك اعترافا منهم للسلطان بسيادته على أوروبا الشرقيّة.
3- التوسّع في آسيا :
أ)- احتلال فارس والعراق :
لم يهمل السلطان خطر الدولة الصفويّة الفارسيّة التي لم تعترف به كخليفة للمسلمين، فعندما أعلن الوالي الفارسي ببغداد ولاءه للخليفة العثماني، جهز طهماسب حملة لإخضاع العراق، فاتّخذ سليمان ذلك ذريعة وأعلن الحرب ضدّ الصفويين، وفي صائفة 1534 تراجعت الجيوش الفارسيّة وتقدّم سليمان فاحتلّ تبريز عاصمة فارس، فبغداد وبذلك أصبحت العراق ولاية عثمانيّة.
ب)- احتلال اليمن وبلاد الخليج :
تعدّدت حملات العثمانيين لاحتلال اليمن التي كانت خاضعة لأئمة الزيدين فسيطروا على عدن والحديدة ومخا. وفي سنة 1551 احتلّوا صنعاء العاصمة وافتكّوا مسقط من البرتغاليين ونفذوا إلى الخليج العربي حتّى وصلوا إلى البصرة.
فقد قدم الأسطول العثماني في عهد سليمان القانوني بعدّة حملات بحريّة ضدّ البرتغاليين غير أنّ عجز عن تحطيم القوّة البحريّة البرتغاليّة في البحار الشرقيّة.
لذلك ترك العثمانيون هذه المهمّة الشاقة للدول الأوروبيّة.
4- العلاقات الدوليّة :
لعب السلطان سليمان القانوني إثر انتصاراته العظيمة في أوروبا وآسيا دورا أساسيّا في السياسة الدوليّة عامّة والأوروبيّة خاصّة، فقد أصبح يمثل أعظم قوّة دوليّة في عصره لذلك تدخّل في الشؤون السياسيّة حتى أصبح الحكم في السياسة الأوروبيّة.
فقد تحالف مع ملك فرنسا فرانسوا الأول سنة 1535 وذلك لإضعاف عدوه شارل كان الذي كان له مع فرانسوا الأول نزاع ومنافسة شديدة، وكان هذا التحالف بداية الامتيازات الأجنبيّة مع الإمبراطوريّة العثمانيّة، على أنّ سليمان القانوني لم يمنح ذلك لفرنسا نتيجة ضعفه وإنّما لخدمة مصالح الدولة وبعد رغبة ملحّة من فرنسا.
أمّا العلاقات مع النمسا فقد اتّسمت بالتوتر نتيجة للفتوحات العثمانيّة في أوروبا الشرقيّة وانتهت بعقد صلح بين الدولتين اعترفت بمقتضاه النمسا بنفوذ السلطان على المناطق المفتوحة.
وهكذا أصبحت الدولة العثمانيّة خلال القرن السادس عشر تتحكّم في مصير العالم الأوروبي وتتدخّل لفرض سياستها بالطرق الدبلوماسيّة والعسكريّة.
ولد سليمان الأول في 27 أفريل 1494 وتولّى الحكم في 22 سبتمبر 1520، فكان عاشر سلاطين الدولة العثمانيّة، وتدرّب على ممارسة السلطة في عهد أبيه إذ كان نائبا عنه حينما توجّه لفتح الشام ومصر.
وقد امتاز بالذكاء والحزم والحكمة والوفاء وبعد النظر وحبّ النظام والشجاعة والصبر والإيمان والتواضع. فقد قال إثر انتصار أسطوله في موقعة جربة: "إذا افتكر الإنسان أنّ هذا التوفيق العظيم قد ساقه إلينا البارئ جلّ وعلا بألطافه الإلهيّة فلا داعي للغرور أو التفاخر". قد عرف عند المسلمين بالقانوني وعند الأوروبيين بالعظيم، فكان ملوك أوروبا يخاطبونه السيد الأعظم (Grand Seigneur) ويخاطبه ملك فرنسا بإمبراطور العالم الكبير (Grand Empereur du Monde) فقد اكتسب هذه المكانة الدوليّة الممتازة نتيجة لتنظيماته وفتوحاته في أوروبا وآسيا.
2- التوسّع في أوروبا :
أ)- احتلال بلغراد ورودس :
انصرف سليمان القانوني للاستيلاء على أوروبا مواصلا خطّة أبيه فشنّ عدّة حملات عسكريّة على أوروبا الشرقيّة، خاصّة على المجر لأهمّيتها الاقتصاديّة والإستراتيجيّة فهي غنيّة بالحبوب والخيول... وهي المنفذ الرئيسي للوصول إلى ترانسلفانيا وصربيا.
لذلك اتّخذ السلطان قتل سفيره من طرف لويس الثاني ملك المجر ذريعة ليشنّ عدّة حملات عسكريّة على أوروبا، فتوجّه بجيوشه إلى بلغراد وضرب حولها حصارا شديدا استغرق شهرين ونصفا، فهدم أسوارها بالألغام وفتحها عنوة سنة 1521 وصلّى صلاة الجمعة في إحدى كنائسها التي تحوّلت فيما بعد إلى مسجد. فقد كانت هذه المدينة أعظم حصن يمنع تقدم العثمانيين إلى ما وراء نهر الدانوب وبسقوطها انفتح الطريق أمام الجيوش العثمانيّة.
وبعد هذه الانتصارات السريعة في بلغراد تحوّل السلطان لاحتلال جزيرة رودس معقل فرسان القديس يوحنا الذين كانوا يساعدون القراصنة النصارى قصد عرقلة حركة التجارة في البحر الأبيض المتوسّط. ففي جويلية 1522 ضربت الجيوش العثمانيّة حصارا على قلعة الجزيرة فاستسلم قائدها بعد أن تكبد الجانبان خسائر مريعة، وانسحب الفرسان من الجزيرة وتعهدت الدولة بالمحافظة على ممتلكات النصارى وإعفائهم من دفع الجزية لمدّة خمس سنوات.
حاول لويس الثاني ملك المجر التوغّل في حدود الإمبراطوريّة العثمانيّة فجهّز السلطان سليمان القانوني جيشا عظيما بقيادة الصدر الأعظم إبراهيم باشا والتحق به السلطان فانهزم المجريون وحلفاؤهم الكرواتيون في موقعة موهاكس سنة 1526 وتقدّم السلطان فاستولى على بودا العاصمة وفتح قلعة بست ونصب جان زابلي أمير ترانسلفانيا ملكا على المجر بعد مقتل لويس الثاني في موقعة موهاكس.
وفي سنة 1527 ادّعى فرديناند ملك النمسا أحقيته في العرش المجري لقرابته من لويس الثاني فاستنجد زابلي بالسلطان الذي تقدّم بجيوشه محاصرا بودا من جديد وفرّ فرديناند إلى عاصمته فينا، وأعاد السلطان زابلي ملكا على المجر وفرض عليه جزية سنويّة، ثمّ واصل زحفه لفتح عاصمة النمسا فضرب حولها حصارا شديدا سنة 1529 ودكّ أسوارها بالمدافع غير أنّ المدينة صمدت، ثم حاول سنة 1532 فتحها من جديد لكن دون جدوى وذلك لتناقص الذخيرة الحربيّة وكثرة الثلوج وهجوم الفرس على أطراف الإمبراطوريّة، لذا اضطرّ السلطان لفك الحصار فتوجه للشرق لفتح فارس والعراق.
ج)- الفتح النهائي للمجر :
في سنة 1540 عاد السلطان من جديد لفتح بلاد المجر إثر اتفاق زابلي مع فرديناند على طرد المسلمين واقتسام المجر بينهما. ففي سنة 1541 وصل السلطان إلى بودا فدخلها دون مقاومة، إذ مات زابلي وتراجع فرديناند ومن ذلك الحين أصبحت بلاد المجر ولاية عثمانيّة وتحوّلت بعض كنائسها إلى مساجد. وفي سنة 1547 تمّ الصلح بين سليمان وفرديناند على أن تكون المجر وترانسلفانيا من أملاك الدولة العثمانيّة ووقع هذه المعاهدة كلّ من شارل كان وفرنسوا الأول ورئيس جمهوريّة البندقيّة، والبابا، فكان ذلك اعترافا منهم للسلطان بسيادته على أوروبا الشرقيّة.
3- التوسّع في آسيا :
أ)- احتلال فارس والعراق :
لم يهمل السلطان خطر الدولة الصفويّة الفارسيّة التي لم تعترف به كخليفة للمسلمين، فعندما أعلن الوالي الفارسي ببغداد ولاءه للخليفة العثماني، جهز طهماسب حملة لإخضاع العراق، فاتّخذ سليمان ذلك ذريعة وأعلن الحرب ضدّ الصفويين، وفي صائفة 1534 تراجعت الجيوش الفارسيّة وتقدّم سليمان فاحتلّ تبريز عاصمة فارس، فبغداد وبذلك أصبحت العراق ولاية عثمانيّة.
ب)- احتلال اليمن وبلاد الخليج :
تعدّدت حملات العثمانيين لاحتلال اليمن التي كانت خاضعة لأئمة الزيدين فسيطروا على عدن والحديدة ومخا. وفي سنة 1551 احتلّوا صنعاء العاصمة وافتكّوا مسقط من البرتغاليين ونفذوا إلى الخليج العربي حتّى وصلوا إلى البصرة.
فقد قدم الأسطول العثماني في عهد سليمان القانوني بعدّة حملات بحريّة ضدّ البرتغاليين غير أنّ عجز عن تحطيم القوّة البحريّة البرتغاليّة في البحار الشرقيّة.
لذلك ترك العثمانيون هذه المهمّة الشاقة للدول الأوروبيّة.
4- العلاقات الدوليّة :
لعب السلطان سليمان القانوني إثر انتصاراته العظيمة في أوروبا وآسيا دورا أساسيّا في السياسة الدوليّة عامّة والأوروبيّة خاصّة، فقد أصبح يمثل أعظم قوّة دوليّة في عصره لذلك تدخّل في الشؤون السياسيّة حتى أصبح الحكم في السياسة الأوروبيّة.
فقد تحالف مع ملك فرنسا فرانسوا الأول سنة 1535 وذلك لإضعاف عدوه شارل كان الذي كان له مع فرانسوا الأول نزاع ومنافسة شديدة، وكان هذا التحالف بداية الامتيازات الأجنبيّة مع الإمبراطوريّة العثمانيّة، على أنّ سليمان القانوني لم يمنح ذلك لفرنسا نتيجة ضعفه وإنّما لخدمة مصالح الدولة وبعد رغبة ملحّة من فرنسا.
أمّا العلاقات مع النمسا فقد اتّسمت بالتوتر نتيجة للفتوحات العثمانيّة في أوروبا الشرقيّة وانتهت بعقد صلح بين الدولتين اعترفت بمقتضاه النمسا بنفوذ السلطان على المناطق المفتوحة.
وهكذا أصبحت الدولة العثمانيّة خلال القرن السادس عشر تتحكّم في مصير العالم الأوروبي وتتدخّل لفرض سياستها بالطرق الدبلوماسيّة والعسكريّة.
ليست هناك تعليقات:
حتى تصبح عضوا في الموسوعة المدرسية انزل إلى أسفل الصفحة